المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين لقد اخترت هذا الموضوع،،لانني اردت أن أعرف الكثير عن حيات الرسول صلى الله عليه وسلم ،وأردت أن أعرف كيف كان مع زوجاته وكيف يعادل من بينهم .
الموضوع:
الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاً :
– كان يحب المرأة .. إنسانا ً.. وأُمّا ً.. وزوجة .. وبنتاً.. وشريكة في الحياة . سئل: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال :[ أمك ، ثم أمك ، ثم أمك ، ثم أبوك] .
وقال : [ من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله ] .
وأمر الذين سألوه .. أن يزوجوا ابنتهم للفقير الذي تحبه ، لا للغني الذي يريدونه.
أمهات المؤمنين هن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقد كرهن الله عز وجل في تكريمهن أنهن لم يتزوجن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعدد أمهات المؤمنين إحدى عشرة زوجة ست منهن من قريش وأربع عربيات من غير قبيلة قريش وواحدة من بني إسرائيل.
خديجة بنت خويلد:خديجة أول من أسلم من النساء ،وقد ساندت زوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بمالها في حصار قريش للمسلمين في شعب أبي طالب وهي التي قال لها صلى الله عليه وسلم :زملوني زملوني وهي التي قالت للرسول :أبشر يابن عم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده لأرجو أن تكون نبي هذه الأمه.
سوده بنت زمعه:قالت خولة بنت الحكم للرسول يا رسول الله لم لاتتزج من تعوضك عن خديجه ثم عرضت عليه سودة وذهبت إلى سوده تقول:ماذا ادخل الله عليك من الخير والبركة فقالت وماذاك؟قالت خوله أرسلني رسول الله لأخطبك عليه فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عائشة بنت أبى بكر الصيدق:كانت عائشة شديدة الحب لرسول الله عليه وسلم حتى كانت تغار عليه فكان يقول لها :حبي لك ياعائشة كالعروة الوثقي ولم ينجب منها الرسول صلى الله عليه وسلم الولد.
حفصة بنت عمر رضي الله عنها:
تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم حفصه وعرفت بأنها صوامه قوامه كما تحدث عنها جبريل فقال انها صوامه قوامه وهي زوجتك في الجنة.
زينب بنت خزيمة أم المساكين:ابتليت أم المساكين في قد زوجها، وجاء الرسول اللي عمها وخطبها ،ودفع لها مهرا أربعمائة درهم وبني لها حجرة كحجرات أزواجه ،وقضت زينب أم الؤمنين ستين يوما فقط في بيت النبوه ، ثم توفيت وهي تعرف بصفة عظيمة هي أم المساكين.
أم سلمة رضي الله عنها: لقد كان عبد الله بن عبد الأسد بن المغيره زوجها ،ولقد أصابه في غزوة أحد ومرض وأشتد المرض عليه وتوفيه ، وبكت ام سلمة عليه،ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم قولي:اللهم آجرني في مصيبتي واعقبني خيرا منها ،وبعد مرور الأيام تزوجها الرسول وكانت سيدة حكيمة ذات مكانة رفيعه بين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
زينب بنت جحش رضي الله عنها:قضي أمر الله بأن يتزوج رسول الله زينب بعد طلاقها من زيد بن حارثة،وكانت تقول لرسول يارسول الله اني والله ماانا كأحد من نسائك ليست امرأة من نسائك إلا زوجها أبوها أخوها أو أهلها ؟غيري زوجنيك الله من السماء،وكانت سيدة جميلة،وقالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها :لم تكن واحدة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تناصبني غير زينب،
نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم،مسعد شعير،دار القبلتين دار اليقين،1437-2017
وكانت زينب صالحه وتقيه ونشيطه عامله تدبغ الجلود تعمل بيدها ما تحسنه ثم تتصدق بما تعمل في سبيل الله على الفقراء والمساكين.
جويرية بنت الحارث:
تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق في شعبان سنة 6 هجرية وقد علمها النبي كلمات تقولها فقال:الا اعلمك كلمات تقوليهن؟؟
سبحان الله عدد خلقه ثلاث مرات
سبحان الله رضي نفسه ثلاث مرات
سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات
سبحان الله مداد كلماته ثلاث مرات
وتوفيت سنة 5 هجرية ودفنت في البقيع وصلى عليها مروان الحكم المدينة آنذاك.
أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان:
كانت زوجة لعبيد الله بن جحش ،وهاجرت معه إلى الحبشة،فارتد عبيد الله عن الإسلام وتنصر وتوفي هناك_أما حبية فقد ثبت علي دينها وإسلامها وهجرتها
علم رسول الله بكل هذا وأدرك أن روملة بنت أبي سفيان(أم حبيبة ) التي تركت المال والجاه وهاجرت ببدنها قد ابتليت وامتحنت فأراد ان يكرم فيها النساء المؤمنات ،فأرسل إلى النجاشي كي يزوجها له فلما أرسل لها النجاشي وكلت خالد بن سعيد بن العاص وهو من اهلها ثم قالت أبشر الله النجاشي بالخير واهدت لجاريته سوارين من فضة .
وأرسل النجاشي إلى خالد بن سعيد بن العاص وعدد من المسلمين المهاجرين إلى الحبشة وعقد مجلساً كبيراً قال فيه:لقد كتب إلى محمد بن عبد الله في أي أزوجه أم حبيبة بن ابي سفيان فأجبت إلى مادعا إليه وأصدقها أربعمائه دينار فقال خالد بن سعيد بن العاص للنجاشي:قد أجبت إلى مادعا إليه رسول الله وزوجته أم حبية.
عادت السيدة أم حبيبة الى المدينة محمله بهدايا النجاشي للرسول صلى الله عليه وسلم ووجدت الرسول صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى خيبر، فلما عاد عليه السلام فرح بقدومهم وتزوج أم حبيبة وأولم عثمان ابن عفان وليمة عظيمة تكريما لبنت عمه أم حبيبة التي شرفت بهذا الزواج ولما جاء أبوها إلى المدينة وكان على دين الشرك منعته من الجلوس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له انت رجل مشرك)) وكانت سيدة حكيمة عاقلة راضية رضي الله عنها وفي خلافة اخيها معاوية بن ابي سفيان توفيت بالمدينة المنورة
ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها :
كانت ميمونة ترغب في الزواج من الرسول فأسرت الى اختها أم الفضل ونتقلت السر الى العباس زوجها فذهب إلى الرسول وقال له لقد ترملت فهل لك ان تتزوجها فرضي رسول الله .
نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم،مسعد شعير،دار القبلتين دار اليقين،1437-2017
صفيه بنت حيى بن أخطب:
صفيه من بني اسرائيل يهوديه،وكان ابوها وعمها من أعداء الرسول،وخيرها الرسول في خيبر بين الإسلام واليهوديه فاختارت الإسلام،وقالت:يارسول الله ،لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني بذلك فاعتقها رسول الله وجعل عتقها مهراً لزوجها منه، وكانت عائشة تغار منها وتقول آنها أكرم منها فتجيبها قائله كيف تكوني أكرم مني وأنا زوجي محمد وأبي هلرون وعمي موسى؟!
:::::::::::::
وكان صلوات الله عليه يقبّل عائشة ، وإذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب .. وكان يتكئ في حجرها ، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها وكان يقبلها وهو صائم .. وزاحمته على الخروج من باب المنزل .
وغضب مرة مع عائشة فقال لها: هل ترضين أن يحكم بيننا أبوعبيدة بن الجراح ؟ فقالت: لا .. هذا رجل لن يحكم عليك لي ، قال: هل ترضين بعمر؟ قالت: لا.. أنا أخاف من عمر .. قال : هل ترضين بأبي بكر ( أبيها )؟ قالت : نعم ..
فجاء أبو بكر ، فطلب منه رسول الله أن يحكم بينهما.. ودهش أبو بكر وقال :
أنا يا رسول الله ؟ ثم بدأ رسول الله يحكي أصل الخلاف .. فقاطعته عائشة قائلة :
( اقصد يا رسول الله ) أي قل الحق .. فضربها أبو بكر على وجهها فنزل الدم من أنفها ، وقال : فمن يقصد إذا لم يقصد رسول الله ، فاستاء الرسول وقال : ما هذا أردنا .. وقام فغسل لها الدم من وجهها وثوبها بيده .
وكان إذا غضبت زوجته وضع يده على كتفـها وقال : [ اللهم اغفر لها ذنبـها وأذهب غيظ قلبها ، وأعذها من الفتن ] .
عدله صلى الله عليه وسلم:
كان صلى الله عليه وسلم يتحرى العدل بين زوجاته في كل شيء مهما دق أو صغر, فكان يعدل بينهن في السكن والنفقة والمبيت والزيارات ، فكان إذا زار واحدة منهن زار جميعهن بعد ذلك. ورغم حبه الشديد للسيدة عائشة رضي الله عنها، إلا أنه لم يميزها في شيء عنهن أبداً، وكان يستغفر الله من عدم قدرته على العدل في المحبة القلبية بين زوجاته إذ أن هذا أمر بيد الله فكان يقول ] اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك[، وعندما مرض مرضه الأخير لم تطب نفسه بالمقام عند السيدة عائشة حتى أذنّ له في ذلك.
وحتى في أسفاره وغزواته صلى الله عليه وسلم ، كان يقرع بين نسائه ، فمن خرج سهمها صحبته في سفرته أو غزوته.
استشارته لزوجاته
كان صلى الله عليه وسلم يستشير نساءه في كثير من الأمور ويقدر آراءهن ، وقد كانت المرأة في الجاهلية تعامل معاملة المتاع ، تباع وتشترى ولا يؤخذ رأيها في أمر من الأمور حتى وإن كان هذا الأمر يخصها وحدها، ولكن الإسلام جعل المرأة كفوا للرجل غير أن الرجل له عليها حق القوامة } وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ{ البقرة 228 . ولقد كانت مشورة أم سلمة رضي الله عنها في يوم الحديبية بركة على المسلمين وإنقاذا لهم من هلاك محقق حيث أشارت عليه بأن يخرج إليهم دون أن يكلم أحدا منهم فينحر هديه ويحلق رأسه، فلما فعل ذلك قام الصحابة سراعا وامتثلوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن تباطؤوا وذلك لما أصابهم من الغم والحزن يوم الحديبية حيث كانوا يرون أن شروط الصلح مجحفة لهم.
السيرة النبوية للأطفال لعبد المنعم الهاشمي،دار اليقين للنشر والتوزيع،1437_2017،
سعة صدره وحلمه عليهن:
كان أزواجه صلى الله عليه وسلم يراجعنه فيقبل منهن ذلك ويحلم عليهن, وما ضرب واحدة منهن قط ، وما كان هذا الأمر معهودا قبل الإسلام, فقد كانت المرأة أقل من أن تراجع الرجل أو تناقشه.
قال عمر رضي الله عنه" تغضبت على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني، فقالت : ما تنكر أن أراجعك فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. قال: فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم. قلت: وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟. قالت: نعم. قلت: " قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر".
تأديبه لأهل بيته
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوس نساءه سياسة الخبير بأغوار النفوس ومواطن الضعف فيها، فلم يكن صلى الله عليه وسلم يتهاون في تأديبهن إذا أخطأت إحداهن أو خرجت عن الخط السوي.
تقول عائشة رضي الله عنها: ما رأيت صانعة طعام مثل صفية صنعت لرسول الله طعاما وهو في بيتي، فارتعدت من شدة الغيرة فكسرت الإناء ثم ندمت فقلت: يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال: إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام.
وكان صلى الله عليه وسلم يترك لهم حرية الكلام ويسمع منهن ولكنه لا يمرر خطًأ مهما كان صغيرا ومهما كان الدافع وراءه.
قالت له عائشة مرة وقد غارت من شدة وفائه للسيدة خديجة رضي الله عنها " ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيرا منها". فغضب صلى الله عليه وسلم ورد عليها قائلا: "والله ما أبدلني الله خيرا منها. آمنت بي حين كذبني الناس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد وحرمته من غيرها"
إن غيرة السيدة عائشة على النبي صلى الله عليه وسلم وحب النبي لها لم يشفعا لها عند النبي صلى الله عليه وسلم.
خدمته لأهل بيته
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يستنكف عن الخدمة داخل البيت، وتقديم المعونة لزوجاته إذا لزم الأمر، وكان يقول: ]خدمتك زوجتك صدقة[. كان صلى الله عليه وسلم يرقع الثوب ويخصف النعل وغير ذلك مما يحتاج إليه أهل بيته.
تجمله لأهل بيته
كان صلى الله عليه وسلم يدرك حاجة المرأة للجمال في الرجل ، كما يحتاج الرجل الجمال في المرأة، فكان صلى الله عليه وسلم أجمل الناس وأكثرهم أناقة على قلة ذات يده، وكان يأمر أصحابه بأن يتزينوا لنسائهم ويحرصوا على النظافة وكان يقول: ] اغسلوا ثيابكم وخذوا من شعوركم واستاكوا وتزينوا وتنظفوا فإن بني إسرائيل لم يكونوا يفعلون ذلك فزنت نساؤهم .
الخاتمة
لقد استفدت كثيراً من تقريري،واكتسبت معلومات لم أكن أعرفها ،وضمه تقرير جميع زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم 1- السيدة خديجة رضي الله عنها 2-السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق3- السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب4- السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان5-أم سلمة بنت أمية بن سهل6-السيدة سودة بنت زمعه،،7-زينب بنت جحش8-ميمونة بنت الحارث9-زينب بنت خريمة10-جويرية بنت الحارث11-صفيه بنت حيى بن آخطب.
شحالكم ؟
لو سمحتو اخواني بغيت حل :
1- النشاط الخامس ص 13
2- النشاط الخامس ص 21
3- النشاط السادس ص 30
4- النشاط الاول ص 36
:
بليز بليز ؟
لو سمحتوا ممكن تسوون لي بحث بعنوان تفسير القران بالرأي و العلم الحديث
من 10 -15 صفحة مع الملخص اذا تقدرون
و لكم احترامي
ضحية زماني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
المقدمة:
أمير أهل الحديث
الإمام الجليل والمحدث العظيم محمد بن إسماعيل البخاري أمير أهل الحديث وصاحب أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، يقول البخاري: صنفت الصحيح في ست عشرة سنة وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى.
ولم يشهد تاريخ الإسلام مثله في قوة الحفظ ودقة الرواية والصبر على البحث مع قلة الإمكانات، حتى أصبح منارة في الحديث وفاق تلامذته وشيوخه على السواء.
ويقول عنه أحد العلماء: لا أعلم أني رأيت مثله كأنه لم يخلق إلا للحديث.
فمع سيرة البخاري ومواقف من حياته.
________________________________________
الموضوع :
نسبه ومولده
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري وكلمة بردزبه تعني بلغة بخارى "الزراع"
أسلم جده "المغيرة" على يدي اليمان الجعفي والي بخارى وكان مجوسيا وطلب والده إسماعيل بن إبراهيم العلم والتقى بعدد من كبار العلماء، وروى إسحاق بن أحمد بن خلف أنه سمع البخاري يقول سمع أبي من مالك بن أنس ورأى حماد بن زيد وصافح ابن المبارك بكلتا يديه.
ولد أبو عبد الله في يوم الجمعة الرابع من شوال سنة أربع وتسعين.
ويروى أن محمد بن إسماعيل عمي في صغره فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه السلام فقال لها يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك أو كثرة دعائك شك البلخي فأصبحت وقد رد الله عليه بصره.
________________________________________
قوة حفظه وذاكرته
ووهب الله للبخاري منذ طفولته قوة في الذكاء والحفظ من خلال ذاكرة قوية تحدى بها أقوى الاختبارات التي تعرض لها في عدة مواقف.
يقول محمد بن أبي حاتم: قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك قال ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب فقلت كم كان سنك فقال عشر سنين أو أقل ثم خرجت من الكتاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره فقال يوما فيما كان يقرأ للناس سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم فانتهرني فقلت له ارجع إلى الأصل، فدخل فنظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت:هو الزبير بن عدي عن إبراهيم.
فأخذ القلم مني وأحكم( أصلح) كتابه وقال: صدقت.
فقيل للبخاري ابن كم كنت حين رددت عليه قال ابن إحدى عشرة سنة.
ولما بلغ البخاري ست عشرة سنة كان قد حفظ كتب ابن المبارك ووكيع.
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق سمعت حاشد بن إسماعيل وآخر يقولان كان أبو عبد الله البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام فكنا نقول له إنك تختلف معنا ولا تكتب فما تصنع فقال لنا يوما بعد ستة عشر يوما إنكما قد أكثرتما على وألححتما فاعرضا على ما كتبتما فأخرجنا إليه ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه ثم قال أترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
وقال ابن عدي حدثني محمد بن أحمد القومسي سمعت محمد ابن خميرويه سمعت محمد بن إسماعيل يقول أحفظ مائة ألف حديث صحيح وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح
قال وسمعت أبا بكر الكلواذاني يقول ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل كان يأخذ الكتاب من العلماء فيطلع عليه اطلاعة فيحفظ عامة أطراف الأحاديث بمرة.
________________________________________
طلبه للحديث
رحل البخاري بين عدة بلدان طلبا للحديث الشريف ولينهل من كبار علماء وشيوخ عصره في بخارى وغيرها.
وروي عن البخاري أنه كان يقول قبل موته: كتبت عن ألف وثمانين رجلا ليس فيهم إلا صاحب حديث كانوا يقولون الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.
ونعود إلى البخاري في رحلته في طلب العلم ونبدأها من مسقط رأسه بخارى فقد سمع بها من الجعفي المسندي ومحمد بن سلام البيكندي وجماعة ليسوا من كبار شيوخه ثم رحل إلى بلخ وسمع هناك من مكبن بن إبراهيم وهو من كبار شيوخه وسمع بمرو من عبدان بن عثمان وعلي بن الحسن بن شقيق وصدقة بن الفضل. وسمع بنيسابور من يحيى بن يحيى وجماعة من العلماء وبالري من إبراهيم بن موسى.
وفي أواخر سنة 210هـ قدم البخاري العراق وتنقل بين مدنها ليسمع من شيوخها وعلمائها. وقال البخاري دخلت بغداد آخر ثمان مرات في كل ذلك أجالس أحمد بن حنبل فقال لي في آخر ما ودعته يا أبا عبد الله تدع العلم والناس وتصير إلى خراسان قال فأنا الآن أذكر قوله.
ثم رحل إلى مكة وسمع هناك من أبي عبد الرحمن المقرئ وخلاد بن يحي وحسان بن حسان البصري وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي والحميدي.
وسمع بالمدينة من عبد العزيز الأويسي وأيوب بن سليمان بن بلال وإسماعيل بن أبي أويس.
وأكمل رحلته في العالم الإسلامي آنذاك فذهب إلى مصر ثم ذهب إلى الشام وسمع من أبي اليمان وآدم بن أبي إياس وعلي بن عياش وبشر بن شعيب وقد سمع من أبي المغيرة عبد القدوس وأحمد بن خالد الوهبي ومحمد بن يوسف الفريابي وأبي مسهر وآخرين.
________________________________________
مؤلفات البخاري
عد العلماء كتاب الجامع الصحيح المعروف بـ"صحيح البخاري" أصح كتاب بعد كتاب الله، ويقول عنه علماء الحديث "هو أعلى الكتب الستة سندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شيء كثير من الأحاديث وذلك لأن أبا عبد الله أسن الجماعة وأقدمهم لقيا للكبار أخذ عن جماعة يروي الأئمة الخمسة عنهم"
ويقول في قصة تأليفه "الجامع الصحيح ":" كنت عند إسحاق بن راهويه فقال بعض أصحابنا لو جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع هذا الكتاب"
ويقول في بعض الروايات:
ـ أخرجت هذا الكتاب من زهاء ست مائة ألف حديث.
ـ ما وضعت في كتابي الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.
ـ ما أدخلت في هذا الكتاب إلا ما صح وتركت من الصحاح كي لا يطول الكتاب.
ويروي البخاري أنه بدأ التأليف وعمره 18 سنة فيقول:
"في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم وذلك أيام عبيد الله بن موسى، وصنفت كتاب التاريخ إذ ذاك عند قبر رسول الله في الليالي المقمرة وقل اسم في التاريخ إلا وله قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب، وكنت أختلف إلى الفقهاء بمرو وأنا صبي فإذا جئت أستحي أن أسلم عليهم فقال لي مؤدب من أهلها كم كتبت اليوم فقلت: اثنين وأردت بذلك حديثين فضحك من حضر المجلس فقال شيخ منهم لا تضحكوا فلعله يضحك منكم يوما"
وقال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم قلت لأبي عبد الله تحفظ جميع ما أدخلت في المصنف فقال لا يخفى علي جميع ما فيه، وسمعته يقول صنفت جميع كتبي ثلاث مرات.
________________________________________
دقته واجتهاده
ظل البخاري ستة عشر عاما يجمع الأحاديث الصحاح في دقة متناهية، وعمل دؤوب، وصبر على البحث وتحري الصواب قلما توافرت لباحث قبله أو بعده حتى اليوم، وكان بعد كل هذا لا يدون الحديث إلا بعد أن يغتسل ويصلي ركعتين.
يروي أحد تلامذته أنه بات عنده ذات ليلة فأحصى عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثمان عشرة مرة.
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانا فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري نارا ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها.
وروي عن البخاري أنه قال: لم تكن كتابتي للحديث كما كتب هؤلاء كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه وكنيته ونسبته وحمله الحديث إن كان الرجل فهما، فإن لم يكن سألته أن يخرج إلي أصله ونسخته فأما الآخرون لا يبالون ما يكتبون وكيف يكتبون.
وكان العباس الدوري يقول: ما رأيت أحدا يحسن طلب الحديث مثل محمد بن إسماعيل كان لا يدع أصلا ولا فرعا إلا قلعه ثم قال لنا لا تدعوا من كلامه شيئا إلا كتبتموه.
________________________________________
تفوقه على أقرانه في الحديث
ظهر نبوغ البخاري مبكرا فتفوق على أقرانه، وصاروا يتتلمذون على يديه، ويحتفون به في البلدان.
فقد روي أن أهل المعرفة من البصريين يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه وكان شابا لم يخرج وجهه.
وروي عن يوسف بن موسى المروروذي يقول كنت بالبصرة في جامعها إذ سمعت مناديا ينادي يا أهل العلم قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري فقاموا في طلبه وكنت معهم فرأينا رجلا شابا يصلي خلف الأسطوانة فلما فرغ من الصلاة أحدقوا به وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء فأجابهم فلما كان الغد اجتمع قريب من كذا كذ ألف فجلس للإملاء وقال يا أهل البصرة أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون منها.
وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا لإسناد هذا و إسناد هذا لمتن هذا ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس فاجتمع الناس وانتدب أحدهم فسأل البخاري عن حديث من عشرته فقال لا أعرفه وسأله عن آخر فقال لا أعرفه وكذلك حتى فرغ من عشرته فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم. ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز ثم انتدب آخر ففعل كما فعل الأول والبخاري يقول لا أعرفه ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس وهو لا يزيدهم على لا أعرفه. فلما علم أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أما حديثك الأول فكذا والثاني كذا والثالث كذا إلى العشرة فرد كل متن إلى إسناده وفعل بالآخرين مثل ذلك فأقر له الناس بالحفظ فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول الكبش النطاح.
وروي عن أبي الأزهر قال كان بسمرقند أربعمائة ممن يطلبون الحديث فاجتمعوا سبعة أيام وأحبوا مغالطة البخاري فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق وإسناد اليمن في إسناد الحرمين فما تعلقوا منه بسقطة لا في الإسناد ولا في المتن.
وقال أحيد بن أبي جعفر والي بخارى قال محمد بن إسماعيل يوما رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر فقلت له: يا أبا عبد الله بكماله قال: فسكت.
________________________________________
من كلمات البخاري
[لا أعلم شيئا يحتاج إليه إلا وهو في الكتاب والسنة]
[ما جلست للحديث حتى عرفت الصحيح من السقيم وحتى نظرت في عامة كتب الرأي وحتى دخلت البصرة خمس مرات أو نحوها فما تركت بها حديثا صحيحا إلا كتبته إلا ما لم يظهر لي]
[ما أردت أن أتكلم بكلام فيه ذكر الدنيا إلا بدأت بحمد الله والثناء عليه]
________________________________________
مواقف من حياة البخاري
وقال بكر بن منير سمعت أبا عبد الله البخاري يقول أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا قلت صدق رحمه الله ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يضعفه فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر ونحو هذا. وقل أن يقول فلان كذاب أو كان يضع الحديث حتى إنه قال إذا قلت فلان في حديثه نظر فهو متهم واه وهذا معنى قوله لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا وهذا هو والله غاية الورع.
يقول محمد بن أبي حاتم: كان أبو عبد الله يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة وكان لا يوقظني في كل ما يقوم فقلت أراك تحمل على نفسك ولم توقظني قال أنت شاب ولا أحب أن أفسد عليك نومك.
*يروي البخاري فيقول كنت بنيسابور أجلس في الجامع فذهب عمرو بن زرارة وإسحاق بن راهويه إلى يعقوب بن عبد الله والي نيسابور فأخبروه بمكاني فاعتذر إليهم وقال مذهبنا إذا رفع إلينا غريب لم نعرفه حبسناه حتى يظهر لنا أمره فقال له بعضهم: بلغني أنه قال لك لا تحسن تصلي فكيف تجلس فقال لو قيل لي شيء من هذا ما كنت أقوم من ذلك المجلس حتى أروي عشرة آلاف حديث في الصلاة خاصة.
وذات يوم ناظر أبو بكر البخاري في أحاديث سفيان فعرفها كلها ثم أقبل محمد عليه فأغرب عليه مائتي حديث فكان أبو بكر بعد ذلك يقول ذاك الفتى البازل والبازل الجمل المسن إلا أنه يريد هاهنا البصير بالعلم الشجاع.
قال محمد بن أبي حاتم سمعت البخاري يقول دخلت بلخ فسألني أصحاب الحديث أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثا فأمليت ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم.
قال أبو جعفر سمعت أبا عمر سليم بن مجاهد يقول كنت عند محمد بن سلام البيكتدي فقال لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث قال فخرجت في طلبه حتى لحقته قال أنت الذي يقول إني أحفظ سبعين ألف حديث قال نعم وأكثر ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ولست أروي حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال محمد بن يعقوب بن الأخرم: سمعت أصحابنا يقولون لما قدم البخاري نيسابور استقبله أربعة آلاف رجل ركبانا على الخيل سوى من ركب بغلا أو حمارا وسوى الرجالة.
________________________________________
ورعه
• قال محمد بن أبي حاتم ركبنا يوما إلى الرمي، فجعلنا نرمي وأصاب سهم أبي عبد الله البخاري وتد القنطرة الذي على نهر ورادة فانشق الوتد فلما رآه أبو عبد الله نزل عن دابته فأخرج السهم من الوتد وترك الرمي وقال لنا ارجعوا ورجعنا معه إلى المنزل. فقال لي يا أبا جعفر لي إليك حاجة مهمة قالها وهو يتنفس الصعداء، وقال لمن معنا اذهبوا مع أبي جعفر حتى تعينوه على ما سألته فقلت أية حاجة هي. قال لي: تضمن قضاءها؟ قلت نعم على الرأس والعين. قال: ينبغي أن تصير إلى صاحب القنطرة فتقول له إنا قد أخللنا بالوتد فنحب أن تأذن لنا في إقامة بدله أو تأخذ ثمنه وتجعلنا في حل مما كان منا. وكان صاحب القنطرة حميد بن الأخضر الفربري. فقال لي أبلغ أبا عبد الله السلام وقل له أنت في حل مما كان منك وجميع ملكي لك الفداء وإن قلت نفسي أكون قد كذبت، غير أني لم أكن أحب أن تحتشمني في وتد أو في ملكي فأبلغته رسالته فتهلل وجهه واستنار وأظهر سرورا وقرأ في ذلك اليوم على الغرباء نحوا من خمسمائة حديث وتصدق بثلاث مائة درهم.
• وقال بن أبي حاتم ورأيته استلقى على قفاه يوما ونحن بفربر في تصنيفه كتاب التفسير وأتعب نفسه ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث فقلت له إني أراك تقول إني ما أثبت شيئا بغير علم قط منذ عقلت فما الفائدة في الاستلقاء قال أتعبنا أنفسنا اليوم وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العد فأحببت أن استريح وآخذ أهبة فإن فاجئنا العدو كان بنا حراك.
• وضيفه بعض أصحابه في بستان له وضيفنا معه فلما جلسنا أعجب صاحب البستان بستانه وذلك أنه كان عمل مجالس فيه وأجرى الماء في أنهاره فقال له يا أبا عبد الله كيف ترى فقال هذه الحياة الدنيا.
• وقال أحمد بن حفص: دخلت على أبي الحسن يعني إسماعيل والد أبي عبد الله عند موته فقال لا أعلم من مالي درهما من حرام ولا درهما من شبهة قال أحمد فتصاغرت إلي نفسي عند ذلك ثم قال أبو عبد الله أصدق ما يكون الرجل عند الموت.
وكان الحسين بن محمد السمرقندي يقول كان محمد بن إسماعيل مخصوصا بثلاث خصال مع ما كان فيه من الخصال المحمودة كان قليل الكلام وكان لا يطمع فيما عند الناس وكان لا يشتغل بأمور الناس كل شغله كان في العلم.
________________________________________
عمله بالتجارة
وعمل البخاري بالتجارة فكان مثالا للتاجر الصدوق الذي لا يغش ولا ينقض نيته مهما كانت المغريات.
روي أنه حملت إلى البخاري بضاعة أنفذها إليه ابنه أحمد فاجتمع بعض التجار إليه فطلبوها بربح خمسة آلاف درهم فقال انصرفوا الليلة فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه البضاعة بربح عشرة آلاف فقال إني نويت بيعها للذين أتوا البارحة.
________________________________________
ثناء الأئمة عليه
قال أبو إسحاق السرماري: من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه فلينظر إلى محمد بن إسماعيل.
قال أبو جعفر سمعت يحيى بن جعفر يقول لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت فإن موتي يكون موت رجل واحد وموته ذهاب العلم.
وكان نعيم بن حماد يقول: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة.
قال مصعب الزهري محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر بالحديث.
وروي عن إسحاق بن راهويه أنه كان يقول اكتبوا عن هذا الشاب يعني البخاري فلو كان في زمن الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه.
وكان علي بن حجر يقول أخرجت خراسان ثلاثة أبو زرعة ومحمد بن إسماعيل وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقههم.
وقال محمد بن أبي حاتم سمعت إبراهيم بن خالد المروزي يقول رأيت أبا عمار الحسين بن حريث يثني على أبي عبد الله البخاري ويقول لا أعلم أني رأيت مثله كأنه لم يخلق إلا للحديث.
وقال محمد حدثني حاتم بن مالك الوراق قال سمعت علماء مكة يقولون محمد بن إسماعيل إمامنا وفقيهنا وفقيه خراسان.
وقال أبو الطيب حاتم بن منصور الكسي يقول محمد بن إسماعيل آية من آيات الله في بصره ونفاذه من العلم.
وقال سليم بن مجاهد يقول لو أن وكيعا وابن عيينة وابن المبارك كانوا في الأحياء لاحتاجوا إلى محمد بن إسماعيل.
وروي عن قتيبة بن سعيد أنه قال لو كان محمد في الصحابة لكان آية. نظرت في الحديث ونظرت في الرأي وجالست الفقهاء والزهاد والعباد ما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل.
وقال أبو عبد الله الحاكم: محمد بن إسماعيل البخاري إمام أهل الحديث.
قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله وأحفظ له من محمد بن إسماعيل.
قال محمد بن حمدون بن رستم سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى البخاري فقال دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين وطبيب الحديث في علله.
وقال سعيد بن جعفر: سمعت العلماء بالبصرة يقولون ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح.
________________________________________
من كرم البخاري وسماحته
قال محمد بن أبي حاتم كانت له قطعة أرض يؤجرها كل سنة بسبع مائة درهم فكان ذلك المؤجر ربما حمل منها إلى أبي عبد الله قثاة أو قثاتين لأن أبا عبد الله كان معجبا بالقثاء النضيج وكان يؤثره على البطيخ أحيانا فكان يهب للرجل مائة درهم كل سنة لحمله القثاء إليه أحيانا.
قال وسمعته يقول كنت أستغل كل شهر خمس مائة درهم فأنفقت كل ذلك في طلب العلم فقلت كم بين من ينفق على هذا الوجه وبين من كان خلوا من المال فجمع وكسب بالعلم حتى اجتمع له فقال أبو عبد الله: ما عند الله خير وأبقى (الشورى:36)
وكان يتصدق بالكثير يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل الحديث فيناوله ما بين العشرين إلى الثلاثين وأقل وأكثر من غير أن يشعر بذلك أحد وكان لا يفارقه كيسه.
ويقول عبد الله بن محمد الصارفي: كنت عند أبي عبد الله البخاري في منزله فجاءته جارية وأرادت دخول المنزل فعثرت على محبرة بين يديه فقال لها: كيف تمشين؟ قالت إذا لم يكن طريق كيف أمشي فبسط يديه وقال لها اذهبي فقد أعتقتك. قال فقيل له فيما بعد يا أبا عبد الله أغضبتك الجارية قال إن كانت أغضبتني فإني أرضيت نفسي بما فعلت.
________________________________________
محنة البخاري
تعرض البخاري للامتحان والابتلاء، وكثيرا ما تعرض العلماء الصادقون للمحن فصبروا على ما أوذوا في سبيل الله، ولقد حسد البعض البخاري لما له من مكانة عند العلماء وطلاب العلم وجماهير المسلمين في كل البلاد الإسلامية، فأثاروا حوله الشائعات بأنه يقول بخلق القرآن، ولذلك قصة يرويها أبو أحمد بن عدي فيقول: ذكر لي جماعة من المشايخ أن محمد بن إسماعيل البخاري لما ورد نيسابور اجتمع الناس عليه فحسده بعض من كان في ذلك الوقت من مشايخ نيسابور لما رأوا إقبال الناس إليه واجتماعهم عليه. فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول اللفظ بالقران مخلوق فامتحنوه في المجلس فلما حضر الناس مجلس البخاري قام إليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول في اللفظ بالقران مخلوق هو أم غير مخلوق فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فقال الرجل يا أبا عبد الله فأعاد عليه القول فأعرض عنه، ثم قال في الثالثة فالتفت إليه البخاري وقال القرآن كلام الله غير مخلوق وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة فشغب الرجل وشغب الناس وتفرقوا عنه وقعد البخاري في منزله.
وقالوا له بعد ذلك ترجع عن هذا القول حتى نعود إليك قال لا أفعل إلا أن تجيئوا بحجة فيما تقولون أقوى من حجتي وأعجبني من محمد بن إسماعيل ثباته، وكان يقول أما أفعال العباد فمخلوقة فقد حدثنا علي بن عبد الله حدثنا مروان بن معاوية حدثنا أبو مالك عن ربعي عن حذيفة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يصنع كل صانع وصنعته.
وبه قال وسمعت عبيد الله بن سعيد يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول ما زلت أسمع أصحابنا يقولون إن أفعال العباد مخلوقة قال البخاري حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق قال الله تعالى {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} (العنكبوت 49).
وقال البخاري: القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر.
وقال أيضا: من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب فإني لم أقله إلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة.
وقال أحمد بن سلمة: دخلت على البخاري فقلت يا أبا عبد الله هذا رجل مقبول بخراسان خصوصا في هذه المدينة وقد لج في هذا الحديث حتى لا يقدر أحد منا أن يكلمه فيه فما ترى فقبض على لحيته ثم قال "وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد" (غافر 44) اللهم إنك تعلم أني لم أرد المقام بنيسابور أشرا ولا بطرا ولا طلبا للرئاسة إنما أبت علي نفسي في الرجوع إلى وطني لغلبة المخالفين وقد قصدني هذا الرجل حسدا لما آتاني الله لا غير ثم قال لي يا أحمد إني خارج غدا لتتخلصوا من حديثه لأجلي، فأخبرت جماعة أصحابنا فو الله ما شيعه غيري كنت معه حين خرج من البلد وأقام على باب البلد ثلاثة أيام لإصلاح أمره.
وقال محمد بن أبي حاتم أتى رجل عبد الله البخاري فقال يا أبا عبد الله إن فلانا يكفرك فقال: " قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما" وكان كثير من أصحابه يقولون له إن بعض الناس يقع فيك فيقول "إن كيد الشيطان كان ضعيفا" (النساء 76)، ويتلو أيضا "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله" (فاطر 43) فقال له عبد المجيد بن إبراهيم كيف لا تدعو الله على هؤلاء الذين يظلمونك ويتناولونك ويبهتونك، فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "اصبروا حتى تلقوني على الحوض" وقال صلى الله عليه وسلم "من دعا على ظالمه فقد انتصر"
________________________________________
محنته مع أمير بخارى
روى أحمد بن منصور الشيرازي قال سمعت بعض أصحابنا يقول لما قدم أبوعبد الله بخارى نصبت له القباب على فرسخ من البلد واستقبله عامة أهل البلد حتى لم يبق أحد إلا استقبله ونثر عليه الدنانير والدراهم والسكر الكثير فبقي أياما قال فكتب بعد ذلك محمد بن يحيى الذهلي إلى خالد بن أحمد أمير بخارى إن هذا الرجل قد أظهر خلاف السنة فقرأ كتابه على أهل بخارى فقالوا لا نفارقه فأمره الأمير بالخروج من البلد فخرج.
قال أحمد بن منصور فحكى لي بعض أصحابنا عن إبراهيم بن معقل النسفي قال رأيت محمد بن إسماعيل في اليوم الذي أخرج فيه من بخارى فتقدمت إليه فقلت يا أبا عبد الله كيف ترى هذا اليوم من اليوم الذي نثر عليك فيه ما نثر فقال لا أبالي إذا سلم ديني.
وروي عن بكر بن منير بن خليد بن عسكر أنه قال: بعث الأمير خالد ابن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلي كتاب الجامع و التاريخ وغيرهما لأسمع منك فقال لرسوله أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس فإن كانت لك إلى شيء منه حاجة فاحضر في مسجدي أو في داري وإن لم يعجبك هذا فإنك سلطان فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة لأني لا أكتم العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار" فكان سبب الوحشة بينهما هذا.
________________________________________
الخاتمة :
وفاة البخاري
توفي البخاري ـ رحمه الله ـ ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين وقد بلغ اثنتين وستين سنة، وروي في قصة وفاته عدة روايات منها:
قال محمد بن أبي حاتم سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله يقول: إنه أقام عندنا أياما فمرض واشتد به المرض، فلما وافى تهيأ للركوب فلبس خفيه وتعمم فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها وأنا آخذ بعضده ورجل آخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها فقال رحمه الله أرسلوني فقد ضعفت فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى رحمه الله فسال منه العرق شيء لا يوصف فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه وكان فيما قال لنا وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك فدام ذلك أياما ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره فجعل الناس يختلفون ويتعجبون وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر حتى ظهر القبر ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس وغلبنا على أنفسنا فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ولم يكونوا يخلصون إلى القبر وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة حتى تحدث أهل البلدة وتعجبوا من ذلك وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته وخرج بعض مخالفيه إلى قبره وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب قال محمد بن أبي حاتم ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل وأوصى أن يدفن إلى جنبه.
وقال محمد بن محمد بن مكي الجرجاني سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ومعه جماعة من أصحابه وهو واقف في موضع فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت ما وقوفك يا رسول الله قال أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري فلما كان بعد أيام بلغني موته فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
رحم الله الإمام البخاري رحمة واسعة وجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين وعن حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم ).
ـــــــــــــ
المصادر:
(1) سير أعلام النبلاء.
(2) تاريخ بخارى.
(3) مقدمة صحيح البخاري
م/ن
بالتوفيق
ارجووووووووووووووا من العضو اماراتي 7 عدم حذف الموضوع او غلق
ارجووووا الرد على الموضووووووع
قي المرفقات
تحياتي
دمتوا بكل عز و ود
إن في كل عصر بعض المنارات من الرجال و نساء يضرب بهم المثل في الأدب و الشعر و العمل الاجتماعي و وصل ببعض النساء أن يرحل إليها أفذاذ و فحول الشعراء و العلماء لينهلوا من علمها و من شعرها و من أدبها و من أسلوب حياتها ووسائل عملها الاجتماعي في خدمة المجتمع و ازدهاره .
و من نقدها ووصل بهن كذلك أن تجيز العلماء و الشعراء و الأدباء و النقاد و كان من بين هؤلاء النسوة واحدة يرجع نسبها إلي رسول الله صلي الله عليه و سلم و هي :
((سكينة بنت الحسين بن علي سلام الله عليها))
الموضــوع :-
أولا : نسبها وولادتها
هي آمنة بنـت الحســين بـن علـي بـن أبي طالب , ولـدت في سنة 47 هـ ، وسـميت باسـم جـدتـها أم النبـي ، ثـم لقـبتها أمـها الـرباب بنت امرئ العتيى بن عدي بن أوس بن جابر تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام بسـكينة ، وقـد استقبل الـبيت الهــاشمـي قبـلهـا مـولـد أخيهـا الشقيق ( عبد الله بن الحسين ( الذي استشهد مع أبيه سلام الله عليه. فقد عاشت السيدة سكينة فاجعة كربلاء فأصيبت بأبيها وبأخويها علي وعبد الله ، وعمومتها وزوجها وبني عمومتها وأصحاب أبيها سلام الله عليهم ، وقد أثرت فيها مصيبة أخيها الرضيع تأثيراً عظمياً حتى أنها لم تستطع أن تقوم لتوديع الحسين ولحظ ذلك سيد الشهداء فوقف يكلمها مصبراً
وهو يقول :
سيطول بعدي يا سكينة فأعلمي منك البكاء إذا الحمام دهاني
لا تحرقي قلبي بدمعة حسرة ما كان مني الروح في جثماني
فإذا قتلت فأنت أولى بالذي تأتينه يا خيرة النسوانِ
{عمر رضا كحالة ، إعلام النساء في عالمي العرب والإسلام ، الجزء الثاني ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، شارع سوريا .} المرجع
ثانيا : صفاتها وحياتها
نبيلة شـــاعرة كريمة مــن أجمــل النســاء وأطيبــهن نفســــا. كانت سيدة نســاء عصــرها ، تجالــس الأجــلة مـن قريــش ، وتجمـع إليـها الشــعراء فيجـلسون بحـيث تراهــم و لا يــرونها ، وتســمع كلامــهم فتفــاضل بينــهم وتنــاقشهم وتجــيزهم. دخــلت علــى هشـام الخلــيفة وسـألـته عمـامـته ومــطرفه ومــنطقـته ، فــأعــطاهـا ذلك. وقــال أحـد معاصـريها: أتيـتها و إذا ببــابها جــرير والفــرزدق وجــميل و كثـير ، فأمرت لكل واحد بألف درهم.
ثالثا: زواج سكينة -:
إن أخبار زواج سكينة بنت الحسين فيها من التناقض والاضطراب والتناقض الشيء العجيب ، مما لا يُقبل لامرأة بسيطة ، فكيف هذا مع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى اشتهر عنها من قبل بعض المؤرخين أنها امرأة مزواج، إذ تزوجت ثماني مرات، وفي هذا مبالغة عجيبة غريبة ، وقد اتفق الشيعة وبعض أهل السنة على أنها تزوجت اثنين فقط هما : ابن عمها الحسن، وقيل هو عبد الله بن الإمام الحسن – سلام الله عليهم ، ومصعب بن الزبير، وعذرهم في عدم قبول تلك الروايات، أنها تجمع الرجل وجده في زواجها، وتذكر أناسا ، لا يمكن أن يكونوا على مسرح الأحداث فترة حياة سكينة، حيث كانوا في عداد الأموات.
ويرى الباحث هنا أن ما كتب من تاريخ في العصر الأموي، فيه الكثير من تزييف الحقائق والظلم لكثير ممن عاشوا في تلك الفترة من الزمن. وليس هذا في حق آل النبي فحسب ، بل وفي حق الأمويين أنفسهم ، ففي حين نجد بعض المؤرخين يصفون فاطمة بنت عبد الملك زوج عمر بن عبد العزيز بالتقوى والدين والورع، نجد أبا الفرج الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني يورد أخبارا في تعرضها لعمر بن أبي ربيعة ، وسماع شعره في الغزل الصريح .
{عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، سكينة بنت الحسين ، ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان.}المرجع
رابعا: سكينة شاعرة
لم نجد من شعرها إلاّ أبياتا قليلة قالتها ترثي أباها الحسين سلام الله عليه ، ولقلة شعرها شكك بعض الباحثين في كونها شاعرة وناقدة، تسمع للشعراء وتنقدهم ، وفي أمالي الزجّاج عدّة أبيات قالتها سكينة ترثي أباها الحسين سلام الله عليه :
لا تعـذليه فـهمّ قـاطعٌ طُـرقُـه * فعينه بـدمــوع ذُرَّفٍ غدقة
إنّ الحسين غـداة الطف يـرشقه * ريب المنون فما أن يُخطىء الحدقة
بـكفّ شــرّ عبـاد الله كلّهـم * نـسل البغايا وجيش المرّق الفسقة
يا اُمّة السوء هاتوا ما احتجاجكـم * غـداً وجلُّكـم بـالسيف قد صفقه
الويـل حلّ بكـم إلاّ بمن لحقـه * صيّـرتمـوه لأرمـاح العِدا درقـة
يا عين فاحتفلي طول الحياة دمـاً * لا تبكِ ولـداً ولا أهـلاً ولا رفقـة
لكن على ابن رسول الله فانسكبي * قيحاً ودمعاً وفي إثرهما العلقة
خـامسا : سكينة الأديبة الناقدة
اجتمع بالمدينة راوية جرير وراوية كثير وراوية نصيب وراوية جميل ورواية الأحوص فادعى كل رجل منهم أن صاحبه أشعر ثم تراضوا بسكينة بنت الحسين فأتوها فأخبروها فقالت لصاحب جرير: أليس صاحبك الذي يقول :
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا حسين الزيارة فارجعي بسلام
وأي ساعة أحلى للزيارة من الطروق قبح الله صاحبك وقبح شعره ، ثم قالت لصاحب كثير: أليس صاحبك الذي يقول:
يقر بعيــني ما يقـر بعينها وأحسن شيء مابه العين قرت
كأني أنادي صخرة حين أعرضت من الصم لو تمشي بها الصم زلت
صفوحا فما نلقاك إلا بخلية فمن مل منها ذلك الوصل ملت
خليلي هذا ربع عزة فاعقلا قلو صيكما ثم ابكيا حيث كلت
س شيء أحب إليهن و لا أقر لأعينهن من النكاح أفيجب صاحبك أن ينكح قبحه الله و قبح شهره.
ثم قالت لراوية جميل: أليس صاحبك الذي يقول:
فلو تركت عقلي معي ما طلبتها ولكن طلا بيها لما فات من عقلي
فان وجدت نعل بأرض مضلة من الأرض يوماً فاعلمي أنها نعلي
خليلي فيها عشتما هل رأيتها قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي
ما أرى لصاحبك هوى إنما يطلب عقله قبح الله صاحبك و قبح شهره.ثم قالت لصاحب نصيب: أليس صاحبك الذي يقول:
أهيم بدعد ما حييت فأن أمت فوا حزني من ذا يهيم بها بعدي
كأنه يتمني لها من يتعشقها بعده قبح الله صاحبك و قبح شهره إلا قال:
من عاشقين لراسلا و تواعدا ليلاً إذا نجم الثريا حلقا
باتا بأنعم ليلة و ألذها حتى إذا وضح الصباح تفرقا
قال: نعم. قالت قبحه الله و قبح شعره إلا قال تعانقا.
وخرج كثير في الحج بجمل له يبيعه فمر بسكينة بنت الحسين ومعها عزه وهو لا يعرفها. فقالت سكينة: هذا كثير فسوموه بالجمل فساموه فاستام مائتي درهم. فقالت : ضع عنا. فأبى فدعت له بتمر وزبد، فأكل ، ثم قالت له: ضع عنا كذا و كذا لشيء يسير فأبى. فقالوا أكلت يا كثير بأكثر مما نسألك. فقال : ما أنا بواضع شيئاً. فقالت سكينة: اكتشفوا عنها و عن عزة فلما رآهما استحيا وانصرف و هو يقول: هو لكم هو لكم. و قالت سكينة لكثير حين أنشدها قصيدته التي أولها:
أشتاقك برق آخر الليل واصب تضمنه فرش الجبا فالمسارب
تألق واحمو في وخيم بالربى احم الذرى ذو هيدب متراكب
اذا زعزعته ارزم جانب بلا خلف منه و أومض جانب
وهبت لسعدى ماءه و نباته كما كل ذي ود لمن ود واهب
لتروى به سعدى و يروى صديقها و يغدق أعداد لها و مشارب
أتهب لها غيثاً عاما جعلك الله والناس فيه أسوة؟ فقال يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفت غيثاً فأحسنته وأمطرته وأنبته وأكحلته ثم وهبته لها: فقالت: فهلا وهبت لها دنانير و دراهم.
سادسا : شخصيتها الاجتماعية
السيدة سكينة ، كانت بادية الاعتزاز بنسبها العالي وشرفها الرفيع . وكان خصومها لها ، يقرون لها بهذا الاعتزاز ويرونها أهلا لأن تباهي به من تباهي فتسكته.وفي الأخبار ، أن سكينة شهدت يوما مأتما فيه بنت لعثمان بن عفان فقالت العثمانية: أنا بنت الشهيد . فأنكر المجلس أن تفخر بأبيها على مسمع من بنت غذي النبوة سيد الشهداء . على حين (أمسكت سكينة) صامتة لا تعلق ، إلى أن أذن المؤذن من المسجد النبوي للصلاة ، فلما بلغ قوله : ( أشهد أن محمدا رسول الله ) التفتت سكينة إلى بنت عثمان وسألتها :
هذا أبي أم أبوك ؟
فأجابت العثمانية في تواضع :
لا أفخر عليكم أبدا.
وكانت شجاعة اللسان والجنان :
سمعت أن ابن مطير _ خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم المرواني _ يشتم جدها علي سلام الله عليه ، من فوق منبر جدها عليه الصلاة والسلام ( فكانت تجيء يوم الجمعة لتشهد صلاة الجماعة ، فتقوم بازاء الحارث إذ يصعد المنبر ، فإذا شتم عليا _ سلام الله عليه _ تصدت له سكينة فشتمه ، ثم أمرت جواريها أن يشتمه ، فلا يملك ابن مطير أن يرد عليها . بل يكتفي بأن يأمر الشرطة بضرب الجواري .)
{- خير الدين الزركلي ، الأعلام (قاموس وتراجم)، الجزء الثالث ، دار العلم ، بيروت لبنان، 199} المرجع
الرأي :-
ان سكينه بنت الحسين كانت شاعرة وفقيهة في امور الدين والدنيا فهي كانت تقيم المجالس لتلقي المحاضرات للمسلمين وتناقشهم في امور الدين والدنيا فهي كانت في حدة الطيبة مع المسلمين وكانت من أجمل النساء فهي كانت سيدة النساء في عصرها
الخــــــــاتــمـة :-
إن النساء اللواتي هن منارات في المعرفة لم يخلقهن الله لكي نتسلى بسيرتهن و لكن خلقهن الله سبحانه و تعالي لكي يكونوا لنا منارات مضيئة في جوانب الحياء المختلفة فالواجب علينا أن نقتدي بهن بالنسبة للرجال و النساء و لاسيما ظهرت في هذا العصر وسائل كثيرة خارجية و داخلية تهدف علي هدم هذا الصرح العظيم وهي الأم التي أصبحت المحضن الأخير لصناعة الأجيال التي تحمل مسئولية الإسلام و فهمه و العمل به و الدعوة إليه أسأل الله أن نكون قوماً عمليين منفذين للهدى و النور و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل .
المــراجـــع :-
1-خير الدين الزركلي ، الأعلام (قاموس وتراجم)، الجزء الثالث ، دار العلم ، بيروت لبنان،199
2-عمر رضا كحالة ، إعلام النساء في عالمي العرب والإسلام ، الجزء الثاني ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، شارع سوريا .
3- عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ، سكينة بنت الحسين ، ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان.
دولة الامارات العربية المتحدة
وزارة التربية والتعليم
منطقة العين التعليمية
مدرسة مزيد للتعليم الثانوي
التربية الأسلامية
((سُكينة بنت الحسين سلام الله عليها))
إعداد الطالب:- boss
الصف :- العاشر
بإشراف المعلم :-